الوحدة- مصالحة سطحية أم إصلاح جذري؟

المؤلف: محمد أحمد الحساني08.07.2025
الوحدة- مصالحة سطحية أم إصلاح جذري؟

منذ أربعة عقود ونيف وأنا أراقب شؤون نادي الوحدة عن كثب. لطالما لجأ رموز النادي إثر أي خلاف أو انقسام ينشب بين أعضاء إدارته المتعاقبة، إلى عبارة متوارثة بينهم ألا وهي: "صالحوا بين العيال!". وعلى إثرها، يتم ترتيب لقاء للمصالحة والصفح، وغالباً ما ينتهي بتناول وجبة "سليق" شهية، ثم ينصرف الجميع بعدها إلى سبيلهم، دون أن يعود اجتماع الصلح ذاك بأي نفع حقيقي على النادي. والسبب في ذلك أن تلك اللقاءات لم تتطرق إلى بحث الأسباب الجذرية التي أدت إلى نشوب الخلافات بين أعضاء الإدارة الوحداوية أو بينهم وبين الداعمين وأصحاب الشرف. لذا، لم تكن المصالحة مبنية على أسس سليمة تضع النقاط على الحروف، وتقود إلى إصلاح الخلل المالي أو الإداري أو الفني الذي يعتري النادي. ونتيجة لذلك، ظلت اجتماعات المصالحة تتكرر دون جدوى، ولم يستفد منها النادي حتى لحظة كتابة هذه الكلمات.

وفي الآونة الأخيرة، شهدنا اجتماعاً لمجموعة بارزة من محبي وعشاق نادي الوحدة، وكان برنامجهم مغايراً تماماً لبرامج المصالحة التقليدية التي عُقدت على مر العقود الأربعة الماضية. فقد طالب الاجتماع بإصلاح شامل وجذري لأوضاع النادي المتردية، وذلك عن طريق تشكيل لجنة رسمية تضم مندوبين من جهات عدة، وتخضع لإشراف الهيئة العامة للرياضة، وبدعم من صاحب السمو الملكي أمير المنطقة، على أن تتولى هذه اللجنة مهمة إجلاء الغموض وكشف الحقائق حول مصاريف النادي وإيراداته، وما تلقاه من تبرعات وهبات، وما نتج عن بيع أبرز لاعبيه من مبالغ طائلة تُقدر بالملايين. فالشفافية والوضوح في هذه الأمور من شأنه أن يشجع محبي النادي من الداعمين المقتدرين مادياً على تقديم الدعم السخي للنادي وإدارته، بعد أن يطمئن كل داعم إلى أن تبرعاته المالية والعينية ستوضع في مكانها الصحيح، وسيتم استثمارها على الوجه الأمثل. وكان من المتوقع أن يثمر هذا الاجتماع نتائج إيجابية ملموسة، لو أنه حظي بالدعم اللازم، وتضافر الوحداويون وتوحدوا على قلب رجل واحد، ورفعوا الأمر رسمياً إلى الجهات المختصة، وانتدبوا من يمثلهم لمناقشة أوضاع النادي مع المسؤولين في الهيئة العامة للشباب، بهدف دعم طلب تشكيل اللجنة المشار إليها. بيد أن ما أعقب ذلك الاجتماع كان مؤسفاً، حيث عاد بعض محبي الوحدة إلى تبني سياسة المصالحة "السطحية" التي لا تعالج جذور المشكلة ولا تضع حلولاً مستدامة لمعضلات النادي. فقام نفر منهم بجمع رئيس النادي ونائبه للتوفيق بينهما، في حين تم تجاهل المشكلات المزمنة التي يعاني منها النادي والأسباب الكامنة وراءها، والحلول الكفيلة بمعالجتها. وإذا حاولت مجموعة من المخلصين دراسة الأوضاع ووضع الحلول الصحيحة على طريقة "أربط الحزام على الجرح الصحيح"، علا صخب الذين يفضلون أن تسير الأمور على طريقة "هنا حفرنا وهنا دفنّا"، حيث لا إصلاح حقيقي لأوضاع النادي. وكأن التاريخ يعيد نفسه مراراً وتكراراً، بين خلاف وصلح و(أكلة سليق). فإلى متى سيظل نادي الوحدة يعاني من هذه الأوضاع المتردية؟ ومتى ستتدخل الهيئة العامة للرياضة لإنقاذ النادي وانتشاله من هذا المستنقع؟

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة